الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإقناع في القراءات السبع
.ذكر المضمومتين: وهما في موضع واحد، في قوله تعالى: {أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ} في [الأحقاف: 32]. فورش وقنبل يخففان الثانية، واختلفت عبارة القراء لهما على ما قدمناه في الفصلين قبل، والوجه بين بين. وقال أبو محمد مكي: "البدل أحسن في قراءة ورش خاصة؛ لأن الرواية عنه أنه مد الثانية". وقالون والبزي يجعلان الأولى بين بين، أي: بين الهمزة والواو. وأبو عمرو يسقطها، والوجه في ذلك بين بين، والباقون يحققونهما معا. قال لي أبي -رضي الله عنه: مذهب سيبويه أن همزة بين بين متحركة، ومذهب الكوفيين أنها ساكنة، فيمكن أن يحمل ما جاء من عبارة القراء في مذهب من سهل إحدى الهمزتين في هذه الأبواب، إذ عبروا بالمد على مذهب الكوفيين، فلا يخرج ذلك عن التخفيف بين بين إلى غيره، على أنهم أكثر ما يعبرون بالبدل، والله أعلم..القسم الثاني: من الهمزتين المتحركتين في كلمتين: وذلك المختلفتا الحركة، وهما يجيئان على خمسة أضرب:الأول: مضمومة ومفتوحة، نحو: {السُّفَهَاءُ أَلَا} [البقرة: 13]، و {يَا سَمَاءُ أَقْلِعِي} [هود: 44]، و {الْبَغْضَاءُ أَبَدًا} [الممتحنة: 4]. الثاني: مفتوحة ومضمومة، عكس الأول، وذلك في موضع واحد، قوله تعالى: {جَاءَ أُمَّةً} [المؤمنون: 44]. الثالث: مكسورة ومفتوحة، نحو: {مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ} [البقرة: 282]، و {وِعَاءِ أَخِيهِ} [يوسف: 76]. الرابع: مفتوحة ومكسورة، عكس الثالث، نحو: {شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ} [البقرة: 133]. الخامس: مضمومة ومكسورة، نحو {مَنْ يَشَاءُ إِلَى} [البقرة: 142، 213]، و {نَشَاءُ إِنَّكَ} [هود: 87]، ولا عكس له في القرآن. فقرأ الكوفيون وابن عامر بتحقيق الهمزتين في الأضرب الخمسة. وقرأ الباقون بتسهيل الثانية على ما تقتضيه مقاييس العربية من وجوه التسهيل، فالضرب الأول والثالث تسهل فيه الهمزة بأن تبدل واوا محضة وياء محضة، فيقول: "السفهاء ولا"، و"وعاء يخيه"، ولا يجعل بين بين؛ لأنها إذا فعل بها ذلك قربت من الألف، والألف لا تكون قبلها ضمة ولا كسرة، فكذلك ما قرب منها. على أن الأهوازي قد ذكر من طريق ابن برزة عن الدوري عن اليزيدي عن أبي عمرو أنه يترك الثانية من {السُّفَهَاءُ أَلَا} وبابه، ويجعل مكانها فتحة كالألف، ومعنى هذا أنه يجعلها بين بين. فقال لي أبي -رضي الله عنه: هذا إن أمكن النطق به بمنزلة ما يقول سيبويه في: هذا مرتع إبلك، وسئل، بتقريب الهمزة المكسورة من الياء الساكنة وقبلها ضمة، ولا يجوز في الياء الساكنة أن يكون قبلها ضمة، ففرق بين المقرب من الياء والياء الساكنة. وقال أصحابه: هذا مما لا يستطاع النطق به، فكأن هذا عند أبي عمرو مما يستطاع النطق به، ولعل سيبويه أراد بقوله: لا يستطاع النطق به، أي: يثقل، كما تقول: لا أستطيع كلام زيد، أي: أستثقله. والأضرب الثلاثة الباقية تخفيف الهمزة فيها بين بين، أي: بين الهمزة والواو، وبين الهمزة والياء، هذا مذهب الخليل وسيبويه، وعليه من القراء من يضبط العربية، فأما ما أخذ به أكثر أهل الأداء وآثروه، من إبدال المكسورة المضموم ما قبلها واوا مكسورة على حركة ما قبلها فيقول: "يشاء ولي" فليس بمذهب لأحد، وهم يعزونه إلى الأخفش. وأخبرنا أبي -رضي الله عنه- قال: الذي حكى أبو عمرو الجرمي في كتابه عن الأخفش أن الهمزة المكسورة التي قبلها ضمة يبدلها واوا في المتصل كسئل، ويجعلها بين الهمزة والياء في المنفصل، كقول الخليل وسيبويه سواء، في نحو قولهم: هذا مرتع إبلك. وبالوجهين كان يأخذ أبو عمرو، وحكى أنه قرأ على فارس بين بين، وعلى أكثر شيوخه بالبدل واوا، وكان أبو محمد مكي يأخذ بين بين، وبه نأخذ. وقد جرى على أبي محمد مكي وهم في القول المعزو إلى الأخفش، فحكى عنه أنه يخفف بين الهمزة والواو، وإنما هو بالإبدال واوا محضة، هكذا الحكاية عنه. وقد بينا أن ذلك في المتصل فقط، والتسهيل إنما هو في الوصل لتلاصق الهمزتين..ذكر الضرب الثاني من قسمي المتحركة، وهو ما لم تلق الهمزة فيه همزة أخرى هذا الضرب لا تخلو الهمزة فيه من أن تكون فاء أو عينا أو لاما. فالتي هي فاء لا تخلو من أن يكون ما قبلها متحركا مثلها أو ساكنا، والمتحرك ما قبلها لا يخلو أن تكون تلك الحركة مخالفة لحركة الهمزة أو موافقة لها، فإن كانت مخالفة لها فذلك على ثلاثة أضرب:الأول: الهمزة المفتوحة المضموم ما قبلها: سهلها ورش بالبدل واوا في ثلاثة أسماء، وخمسة أفعال، فالأسماء: {مُؤَجَّلًا}[آل عمران: 145]، {وَمُؤَذِّنٌ} [الأعراف: 44، يوسف: 70]، {وَالْمُؤَلَّفَةِ} [التوبة: 60]، والأفعال: {يُؤَاخِذُ} [النحل: 61، فاطر: 45]، و {يُؤَخِّرَ} [المنافقون: 11] وما جاء منهما، و {يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ} في [آل عمران: 13]، و {يُؤَدِّهِ} [آل عمران: 75] وبابه، و {يُؤَلِّفُ} [النور: 43] وبابه. وحقق الباقون، وإذا وقف حمزة وافق ورشا. الثاني: الهمزة المفتوحة المكسور ما قبلها: أبدلها ورش ياء في {لِئَلَّا} حيث وقع، وفي {لِأَهَبَ لَكِ} في [مريم: 19]. ووافقه أبو عمرو على التخفيف في {لِأَهَبَ لَكِ} وقد قيل: إن الياء في "ليهب" ياء المضارعة، وقيل: ما حملناه عليه من أنها بدل من ألف المتكلم، وكلا الوجهين صواب. وهذا الفصل ليست الهمزة فيه فاء على الحقيقة، ألا ترى أن "أن" حرف، والحروف لا توزن، وأن الفاء في "ليهب" محذوفة كما تحذف في مضارع "وعد"؟!الثالث: الهمزة المضمومة المفتوح ما قبلها: وذلك حرفان: {يَؤُودُهُ} [البقرة: 255]، و {تَؤُزُّهُمْ} [مريم: 83]. أجمعوا على تحقيقهما، إلا ما روي عن أبي بكر عن عاصم من طريق لم نذكره هنا، وإلا حمزة إذا وقف. وأما الحركة الموافقة لها فنحو "مآب، ومآرب، وما تأخر، وتأذن" وشبهه مما صورته في الخط ألف، فهم أيضا مجمعون على تحقيقها إلا حمزة في الوقف، وسأبين مذهبه بعد. وأما الهمزة الساكن ما قبلها وهي فاء فنحو "الأرض، والآخرة، والآن" وإن كات من كلمة فهي تجري عند القراء مجرى ما كان من كلمتين، ومما هو من كلمتين نحو: {كَمَنْ آمَنَ}. فلورش في تحقيقها مذهب نشرحه مع مذهبه فيما ليست فاء وقبلها ساكن في باب "نقل الحركة"..باب نقل الحركة: كان ورش يحذف كل همزة في أول كلمة إذا كان قبلها ساكن، وينقل حركتها إليه، أي حركة كانت، إذا كانا من كلمتين، ما لم يكن الساكن حرف مد ولين، أو ميم الجميع، وهذا إذا وصل. وإذا وقف حقق الهمزة لابتدائه بها. وقد قسم أبو عمرو الساكن الواقع قبل الهمزة على ثلاثة أضرب:الأول: أن يكون تنوينا نحو: {حَامِيَةٌ، أَلْهَاكُمُ} [القارعة: 11]، [التكاثر: 1]، و"مِنْ نَبِيءٍ إِلَّا" [الأعراف: 94]، و {عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا} [يونس: 2]، و"كُفُؤا أَحَدٌ" [الإخلاص: 4]، و {مُبِينٌ، أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} [نوح: 2، 3] ونحوه. الثاني: أن يكون لام التعريف نحو "الأرض، والآخرة، والآزفة، والأولى، والأذن" وشبهه. الثالث: أن يكون سائر حروف المعجم نحو:{مَنْ آمَنَ}، و {قَدْ أَفْلَحَ}، و {خَلَوْا إِلَى} [البقرة: 14]، و {أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ} [الصافات: 69]، و {نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ} [المائدة: 27] و {ذَوَاتَيْ أُكُلٍ} [سبأ: 16] وشبهه. قال أبو جعفر: أفرد التنوين لكونه زائدا، وحرف التعريف لاتصاله في الخط، وقد قضى النحويون بانفصاله؛ لأنه من حروف المعاني كقد، لا من حروف الزيادة التي هي من البناء، كميم اسم الفاعل. وأما قوله تعالى: {كِتَابِيَهْ، إِنِّي} [الحاقة: 19، 20] على مذهبه في إثبات هاء السكت في الوصل، فلم يأت فيه عنه من طريق أبي يعقوب نص. وذكر الأهوازي أن الأصبهاني روي عنه تحقيق الهمزة. وذكر أبو عمرو أن عبد الصمد نص عليه بنقل الحركة إلى الهاء، قال: ولم يذكر ذلك منصوصا عنه غيره، وعامة أصحاب أبي يعقوب على ترك النقل. وعليه عول أبو محمد وأبو عمرو، وبه قرآ وأخذا. وقال أبو محمد: "هو أحسن وأقوى، وقال: ويلزم من نقل الحركة أن يدغم {مَالِيَهْ، هَلَكَ} [الحاقة: 28، 29] لأنه قد أجراها مجرى الأصل حين ألقى عليها الحركة، وقدر ثبوتها في الوصل". فأما حروف المد واللين، فلا تنقل إليها الحركة نحو {فَمَا آمَنَ} [يونس: 83]، و {فِي أَنْفُسِكُمْ}، و {قُوا أَنْفُسَكُمْ} [التحريم: 6]. قال أبي -رضي الله عنه: الألف لا تنقل إليها حركة الهمزة لأنها لا تتحرك، وتنقل إلى الواو والياء اللذين ما قبلهما منهما، نحو: {فِي أَنْفُسِكُمْ}، و {قُوا أَنْفُسَكُمْ}، فيقول: "في نْفُسِكُمْ"، و"قوا نْفُسَكُمْ" ولم ينقل ورش إليها الحركة؛ لأنه حملهما على الألف. فأما ميم الجمع فالذي وقع الإصفاق عليه من أهل الأداء الأخذ لورش بضمها وصلتها بواو مع الهمزة فقط، نحو: {عَلَيْهِمُ أنْذَرْتَهُمْ أَمْ} [البقرة: 6] وشبهه. وذكر أبو بكر بن أشتة قال: وقال إبراهيم النقاش في تصنيفه في قراءة نافع: وإن أردت ترك همزة الألف وأنت تريد مذهب نافع وأصحابه فأتبع الميم بالهمزة، إن كانت مضمومة فأشمها الرفعة، وإن كانت مفتوحة فمثلا، وإن كانت مكسورة فكذلك نحو قوله: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ} [البقرة: 78] و {كُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} [البقرة: 28]، و {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ} [الإسراء: 54] وكذلك ما كان من نحوه في كل القرآن، قال: وهي لغة قريش وكنانة. قال ابن أشتة: وإنما يريد ذلك مع تسكين الميم وترك إثبات الواو بعدها، ويعني بالإشمام إلقاء حركة الهمزة على الميم وتحريكها بها، ولم أر أحدا كان يأخذ بشيء من ذلك، ولا بلغني. قال أبو جعفر: وقد أجاز أبو إسحاق الزجاج نقل حركة الهمزة إلى ميم الجميع على وفق ما ذكر إبراهيم النقاش فقال في "المعاني": وإذا نقلت حركة الهمزة، قلت: {عليهمُ أنْذرتهم}. وسألت عن هذا أبا عبد الله محمد بن أبي العافية النحوي فأجازه لي، وقال لي: قد قرئ في غير السبع، وكتب لي بذلك خط يده بحضرتي. وقال لي أبي -رضي الله عنه: هذا ذهاب عن الصواب الذي عليه الخليل وسيبويه وسائر النحويين المتقدمين. والقول في ذلك أن ورشا إنما ضم ميم الجميع مع الهمزة للإشعار بأنه قصد إلى أصله، من تخفيف الهمزة ونقل حركتها إلى الساكن قبلها في مثل: {هَلْ أَتَاكَ}، و {مِنْ إِمْلاقٍ} [الأنعام: 151]، و {فَقَدْ أُوتِيَ} [البقرة: 269] فاعترضه أن ميم الجميع لا تحرك عند الحاجة إلا بحركتها، لا بحركة التقاء الساكنين ولا بحركة غيرها، وإنما تحرك بحركة أصلها في نحو: {عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} [البقرة: 61]، [آل عمران: 112]، و {إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ} [يس: 14] فصرفته حركة الأصل عما قصد إليه من نقل الحركة إليها. وهذا أحد الأحكام التي يقصدها المتكلم فتعترضه الأصول، فلا يصل إليها مخافة الإحالة في معارضة الأصول. ونظير هذا ما روى سيبويه عن الخليل في قولهم: اضربا زيدًا بالنون الخفيفة، فقال: إذا أمرت اثنين وأردت النون الخفيفة قلت: اضربا زيدًا، فلم يأت بها لمعارضة أصل آخر يمنع منها، وهو أنه لا يلتقي ساكنان في هذا الموضع لعدم شرطه، وذلك أن الشرط المصحح لالتقائهما كون الأول حرف مد، وكون الثاني مدغما إدغاما لازما، فلم يجز: اضربان زيدا، باجتلاب النون مع قصدهم إلى ذلك، فكذلك ميم الجميع، إنما قصد ورش إلى نقل الحركة، وعلم أن ذلك لا يتأتى له فأتى بحركة الأصل، وأذن بها أن قصده نقل الحركة. وقال الأهوازي: واختلف عنه عند الحاء والعين، كقوله: {وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ} [المائدة: 13]، و {وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} ونحوهما. قال: والذي قرأت به عن ورش بترك الهمز، ونقل حركته إلى الحاء والعين في ذلك على أصله. فأما {آلْآنَ} في الموضعين في [يونس: 51، 91] فنقل ورش الحركة فيهما علىأصله، ووافقه أيضا قالون فنقل الحركة فيهما، وقد ذكرنا حكم همزة الوصل فيه قبل. فأما {عَادًا الْأُولَى} في [النجم: 50] فقرأه نافع وأبو عمرو بضم اللام بحركة الهمزة التي هي فاء الفعل، وإدغام التنوين فيها. وتفرد قالون بهمز عين الفعل من طريق مكي، وأبي عمرو. وقال الأهوازي، والخزاعي كأبي عمرو. فأما الابتداء بهذه الكلمة فيتجه لأبي عمرو، وقالون ثلاثة أوجه:أحدها: "الولى" بإثبات همزة الوصل، وهو الذي يذهب إليه سيبويه لأنه حكى الحمر، وقال: شبهوها بهمزة أحمرة. الثاني: "لُولى" بحذف همزة الوصل، وهو قياس ما فعله أبو عمرو من الإدغام. الثالث: "الأولى" بإثبات همزة الوصل، ورد الهمزة التي هي فاء الفعل. ويمتنع هذا الوجه الثالث في مذهب ورش؛ لأنه ينقل الحركة، ويتجه في مذهبه الوجهين الأولين. واختيار أبي -رضي الله عنه- لهم من هذه الوجوه "ألولى" بإثبات همزة الوصل مع نقل الحركة؛ لأنه هو الذي ذكر سيبويه. واختيار أبي علي الفارسي لهم "لُولى" بالنقل وحذف همزة الوصل، وإن كان لم يذكره سيبويه فقد حكاه أبو الحسن الأخفش، وهو الذي يشبه قول نافع وأبي عمرو من الإدغام. واختيار عثمان بن سعيد لقالون وأبي عمرو {الْأُولَى} بإثبات همزة الوصل، ورد فاء الفعل؛ لأن الموجب لتحريك اللام من التقاء الساكنين قد زال بحكم الوقف. فإن كان الساكن، والهمزة في كلمة لم ينقل ورش الحركة إليه نحو: {شَيْئًا}، و {كَهَيْئَةِ} [آل عمران: 49]، [المائدة: 110]، و {جُزْءًا} [البقرة: 260]، [الزخرف: 15]، و {الْخَبْءَ} [النمل: 25]، و {دِفْءٌ} [النحل: 5]، و {مِلْءُ} [آل عمران: 91] وشبهه، إلا في {رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} [القصص: 34] فإنه خالف أصله، فألقى الحركة على الدال وهما في كلمة، وتابعه على ذلك قالون. وقد روي عن نافع أنه ليس مخففا من "ردء"، وأنه "فعل" من قولهم: أردى على المائة، أي: زاد عليها، واستشهد ببيت حاتم:أي: زاد، والمعنى على هذا، فأرسله معي زيادة يصدقني، ولا يكون مخالفا لأصله على هذا الوجه. وقال الخزاعي: وقال ابن الصلت عن الأزرق: الوقف بالهمز، والوصل بتركه. وكذلك قال طاهر بن غلبون عن ابن ما شاء الله عن ابن هلال عن النحاس عن الأزرق. ونص عليه الأزرق في كتابه عن ورش بغير همز، ولم يخص وصلا دون وقف بترك الهمز في الحالين قرأت عن نافع، وبه آخذ. وحمزة إذا وقف وافق نافعا. الباقون بالهمز في الحالين، وإسكان الدال. فقد حصل الباب على ثلاثة أقسام: قسم يجوز نقل الحركة إليه، وقسم لا يجوز نقل الحركة إليه، وقسم يجوز نقل الحركة إليه، ولم ينقل ورش الحركة إليه. الأول: {مَنْ آمَنَ} و {الْأَرْضِ} و {شَيْءٍ إِذْ}. الثاني: الألف، وميم الجميع. الثالث: حرفا اللين: الواو والياء. وما كان من كلمة والساكن من كلمة ينقسم ثلاثة أقسام:القسم الأول: أن يكون حرف مد ولين. الثاني: أن يكون حرف لين. الثالث: أن يكون حرفا صحيحا. .ذكر المتحركة التي هي عين: وهي أيضا لا تخلو من أن يتحرك ما قبلها أو يسكن، فإن تحرك ما قبلها اختلفوا منها في أصل مطرد، وفي حرفين. فالأصل المطرد قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ}، و {أَرَأَيْتُمْ}، {أَرَأَيْتَكُمْ} وشبهه حيث وقع، إذا كان في أوله ألف الاستفهام. قرأ نافع جميع هذا الأصل بتخفيف الهمزة الثانية، بجعلها بين الهمزة والألف. قال الأهوازي: والبصريون يمدونها عنه قليلا، والبغداديون لا يمدونها عنه. قال أبو جعفر: يعني القراء من البغداديين، والقراء من البصريين؛ لأن النحويين من البصريين لا مد عندهم في همزة بين بين. وقيل عن ورش في ذلك بالبدل، وبه أخذ له أبو محمد وأبو عمرو. والذي أخذ علينا أبي -رضي الله عنه- بين بين على القياس. وأخذ علينا غير بالبدل؛ لأن النقل عنه إنما جاء بالمد، والمد عندهم يقتضي البدل. وقال أبي -رضي الله عنه: لا يقتضي البدل. وقرأ الكسائي جميع ذلك بحذف الهمزة الثانية، وهو مسموع في هذا الفعل من العرب، والباقون بتحقيقها، وإذا وقف حمزة خفف، والواجب في تخفيفها أن يكون بين بين، ويجوز البدل والحذف. والحرفان: أحدهما {التَّنَاوُشُ} في [سبأ: 52]. قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو بكر بالهمز، ويمدون زيادة. والباقون بواو مضمومة، فلا يزيدون في المد. والآخر {سَأَلَ سَائِلٌ} في [المعارج: 1]. قرأه نافع وابن عامر "سَالَ" بإبدال الهمزة ألفا، والبدل في هذا الفعل مسموع، حكاه سيبويه عن العرب، والباقون بهمزة، وخفف حمزة بالبدل، أو بين بين، وإن سكن ما قبلها اختلفوا من ذلك في أصلين: أولهما قوله تعالى وجل: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32}، و {فَاسْأَلُوهُمْ} [الأنبياء: 63]، و {فَاسْأَلِ الَّذِينَ} [يونس: 94] و {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [النحل: 43، والأنبياء: 7] وشبهه من الأمر المواجه به خاصة، وقبل السين واو أو فاء. قرأ جميع ذلك ابن كثير والكسائي بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على السين. والباقون بإثباتها، وحمزة يوافقهما في الوقف. فإن كان ما سوى ذلك، من نهي، أو أمر غائب، أو ماضٍ، أو مضارع، لم يختلف في همزه نحو {لَا تَسْأَلُوا عَنْ} [المائدة: 101] {وَلْيَسْأَلُوا} [الممتحنة: 10] و {سَأَلَ} [المعارج: 1]، و {تَسْأَلُوا} [البقرة: 108]، وفي {سُئِلَ} [البقرة: 108] اختلاف عن ابن عامر من طريق لم أذكره في هذا الكتاب. وإن كان أمر المواجه به ليس قبله شيء لم يختلف في ترك همزه نحو: {سَلْ بَنِي إِسْرائيلَ} [البقرة: 211]. وثانيهما: قوله تعالى: {اسْتَيْأَسَ} حيث وقع، وجملة ذلك خمسة مواضع، في يوسف {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ} [80]، {وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ} [87] {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} [110]، وفي الرعد {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا} [31]. قرأ البزي خمستهن بالألف وفتح الياء من غير همز. هذه رواية النقاش عن أبي ربيعة عنه، وبه أخذ النقاش. وروى ابن الصباح وابن بقرة عن أبي ربيعة بالهمز فيهن كالجماعة. قال أبو الطيب: وكذلك ذكره أبو ربيعة. واختلف عن الخزاعي عن البزي، فقال إبراهيم بن عبد الرزاق، والحسن بن سعيد المطوعي عنه بالهمز، كالجماعة فيهن، وذكر أبو الحسن الدارقطني أنه قرأ على ابن ذؤابة عن الخزاعي بتخفيف الذي في الرعد فقط. وكذلك قرأت من طريق أبي محمد مكي، عن أبي الطيب، عن الطوسي عن أبي بكر الجصاص عن شيوخه عن البزي، قال أبو الطيب: وذكره الجصاص في كتابه. قال أبو جعفر: وأنا رأيته في كتاب الجصاص. وقرأت أيضا من طريق أبي محمد عن أبي الطيب عن ابن عبد الرزاق عن الخزاعي بالهمز فيهن، وهو اختيار أبي الطيب، والله أعلم..ذكر المتحركة التي هي لام الفعل: وهي أيضا لا تخلو من أن يتحرك ما قبلها أو يسكن. فإن تحرك ما قبلها اختلفوا من ذلك في اثني عشر حرفا وهي: {وَالصَّابِئِينَ} في [البقرة: 62]، [الحج: 17]، و {وَالصَّابِئُونَ} في [المائدة: 69]، و {هُزُوًا} حيث وقع، و {كُفُوًا} [الإخلاص: 4]، و {بَادِيَ} في [هود: 27]، و {يُضَاهِئُونَ} في [التوبة: 30]، وفيها {مُرْجَوْنَ} [106]، و {تُرْجِي} في [الأحزاب: 51]، و {ضِيَاءً} في [يونس: 5]، [والأنبياء: 48]، و {بِضِيَاءٍ} في [القصص: 71]، و {مِنْسَأَتَهُ} في [سبأ: 14]. فأما "الصابئين، والصابئون" فترك همزها نافع، وهمز الباقون. وأما "هزؤا، وكفؤا" فقرأهما حفص بضم الزاي والفاء من غير همز. وحمزة بإسكان الزاي والفاء، وبالهمز في الوصل، فإذا وقف أبدل الهمزة واوا اتباعا للخط، وتقديرا لضمة الحرف الساكن قبلها وقد أحكمنا ذلك في بابه، الباقون بالضم والهمز. وأما {يُضَاهِئُونَ} فقرأه عاصم بالهمز وكسر الهاء، والباقون بضم الهاء من غير همز. وأما {مُرْجَوْنَ}، و {تُرْجِي} فترك همزهما نافع وحمزة والكسائي وحفص، وهمزهما الباقون. وأما {ضِيَاءً}، و {بِضِيَاءٍ} فقرأه قنبل بهمزة بعد الضاد، والباقون بياء مفتوحة بعدها. وهذا الحرف على الحقيقة لم يختلف في همز لامه، غير أن قنبلا قلب اللام إلى موضع العين، اعتلت العين التي هي ياء منقلبة عن واو لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة، فأما لام الفعل فهمزة على قول الجميع. وأما {بَادِيَ الرَّأْيِ} [هود: 27] فقرأه أبو عمرو بهمزة مفتوحة بعد الدال، والباقون بياء مفتوحة. وأما {مِنْسَأَتَهُ} [سبأ: 14] فأبدل نافع وأبو عمرو من الهمزة ألفا ساكنة، وهو مسموع من العرب، وابن ذكوان بهمزة ساكنة، والباقون بهمزة مفتوحة. وإن سكن ما قبلها اختلفوا من ذلك في أصلين مطردين، وفي ثلاثة أحرف. فالأصلان: أحدهما: "النبي، والنبيين، والأنبياء، والنبوة" حيث وقع، قرأه نافع بالهمز، إلا أن قالون ترك الهمز في قوله تعالى في الأحزاب: {لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ} [50]، و {بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا} [53] في الموضعين في الوصل دون الوقف على أصله في الهمزتين المكسورتين. والباقون بغير همز. والثاني: {الْقُرْآنِ، وَقُرْآنًا، وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 17] حيث وقع إذا كان اسما. ترك همزه ابن كثير، وهمز الباقون. فإذا وقف حمزة وافق ابن كثير، وليس قول من قال: القرآن من "قريت" بشيء. والأحرف: أحدها {النَّسِيءُ} [التوبة: 37] قرأه ورش بتشديد الياء من غير همز، وهمز الباقون، وإذا وقف حمزة وهشام وافقا ورشا. والثاني والثالث {الْبَرِيَّةِ} في الموضعين {البينة: 6، 7] قرأ نافع وابن ذكوان بالهمز فيهما، وخفف الباقون..ذكر الضرب الثاني من القسمة الأولى، وهو الهمزة الساكنة: لا تخلو الهمزة الساكنة من أن تلاقي همزة أخرى أو لا تلاقي. فإن لقيتها همزة فلا بد أن تكون تلك الهمزة متحركة؛ لأن ساكنين لا يجتمعان، "يعني في الهمز" ولا تخلو أن تكون بعد الساكنة أو قبلها، فإن كانت بعدها لزمها الإدغام إذا كانت عينا، نحو: "رأس، وسأل" ولم يجئ ذلك في كتاب الله تعالى. وفي المنفصل "اقرأ إنا أنزلناه" "اقرأ إنا فتحنا لك" الوجه التخفيف في الأولى. وذكر الأهوازي فيه وجهين: الإظهار والإدغام، ويعني بالإظهار التحقيق، وهو الوجه والجيد فيه، ولم يجئ هذا أيضا في القرآن. فإن كانت قبلها لزم الساكنة التخفيف بالبدل على حركة ما قبلها. إن كانت مضمومة قلبت واوا نحو {أُوتِيَ}، و {أُوتُوا} وكذلك {اؤْتُمِنَ} [البقرة: 283] في الابتداء؛ لأن الساكنة التي هي فاء الفعل لقيتها المتحركة التي للوصل، فأبدلت واوا. وإن كانت مكسورة قلبت ياء نحو: "إِيمان"، و {إِيتَاءِ} وكذلك {ائْذَنْ لِي} [التوبة: 49] في الابتداء، و {ائْتِنَا}. وإن كانت مفتوحة قُلبت ألفا نحو "آدم، وآمن، وآخر، وآل لوط". وهذا إجماع من القراء والنحويين، إلا ما ذكر سيبويه عن عبد الله بن أبي إسحاق، وقد حكيناه في الإدغام. وإلا ما ذكر الأهوازي وغيره عن خلف عن الكسائي أنه أجاز الابتداء بقوله تعالى: {اؤْتُمِنَ} [البقرة: 283] بهمزتين، قال: وهذا شيء لا يعوَّل عليه. قال لي أبي -رضي الله عنه: لهذا وجه، وهو أنه لم يعتد بهمزة الوصل، فأجراها مجرى المنفصل في نحو {جَاءَ أَحَدَهُمْ} [المؤمنون: 99] وشبهه، ومن مذهبه في ذلك الجمع بين همزتين، فحمل هذا على هذا. وروى النقار عن الشموني عن الأعشى عن أبي بكر {إِيلافِهِمَ} في [قريش: 2] بهمزتين؛ الأولى مكسورة والثانية ساكنة، والجماعة على تخفيف الساكنة. فإن لم تلاق الهمزة الساكنة همزة أخرى، وجاءت منفردة فذلك كثير في القرآن جدا، ولا يخلو من أن يكون فاء أو عينا أو لاما كالمتحركة. فإن كانت فاء أو عينا وجدت في الأسماء والأفعال، فالأسماء نحو: {الْمُؤْتَفِكَاتِ، والْمُؤْمِنُ، وَالْمُؤْمِنُونَ}، والكأس، {والرَّأْسُ، والْبَأْسَ}، والبئر، والذئبَ، {وسُؤْلَكَ، والرُّؤْيا} وبابه. والأفعال نحو: {يُؤْمِنْ} و {يُؤْمِنُونَ} و {يُؤْلُونَ} [البقرة: 226]، و {يَقُولُ ائْذَنْ لِي} [التوبة: 49]، و {الَّذِي اؤْتُمِنَ} [البقرة: 283]، و {لِقَاءَنَا ائْتِ} [يونس: 15] وشبهه. وإذا كانت لاما لم توجد إلا في الأفعال نحو: "أنشأنا، وأخطأنا، وشئنا، وشئتم، وجئنا، وجئتم، وتبرأنا" [القصص: 63]، {وتبرأتم}، و {فَادَّارَأْتُمْ} [البقرة: 72] وشبهه، فلأبي عمرو في تخفيف هذا الباب، ولورش في تخفيف بعضه، مذهب أبينه إن شاء الله. مذهب أبي عمرو في ذلك: كان لا يهمز كل همزة ساكنة، فاء كانت أو عينا أو لاما، في اسم أو فعل، ويبدلها على حركة ما قبلها. وقد اختلفت ألفاظ الرواة عنه، متى يفعل ذلك؟فقال أبو عمر عن اليزيدي عنه: إنه كان لا يهمز إذا قرأ فأدرج القراءة. وقال أبو شعيب عن اليزيدي عنه: كان لا يهمز إذا قرأ في الصلاة، وقال غير واحد عنه: كان لا يهمز إذا قرأ بالإدغام. وقال أبو عبد الرحمن والبلخي وغيرهما عن اليزيدي: كان لا يهمز إذا قرأ، أي: إذا قرأ على أي وجه كان. قال أبو جعفر: والذي عليه الأئمة لأبي عمرو الأخذ له بالهمز وبتحقيقه مع الإظهار، وبالتخفيف لا غير مع الإدغام. وقد استثنوا له من هذا الباب إذا خفف ما كان السكون فيه لأحد خمسة أشياء: الأول: أن يكون سكون الهمزة للجزم، وذلك تسعة عشر موضعا: في البقرة {أو ننسأها} [106] وفي آل عمران {تَسُؤْهُمْ} [120]، وفي النساء {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ} [133]، وفي المائدة {تَسُؤْكُمْ} [101]، وفي الأنعام {مَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ} [39] و {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ} [133]، وفي التوبة {تَسُؤْهُمْ} [50]، وفي إبراهيم {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ} [19]، وفي الإسراء {إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ} [54]، وفي الكهف {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ} [16]، وفي الشعراء: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ} [4]، وفي سبأ {إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ} [9]، وفي يس {وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ} [43]، وفي الشورى {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ} [33]، وفي النجم {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ} [36]. الثاني: أن يكون للبناء، وجملته أحد عشر موضعا، في البقرة {أَنْبِئْهُمْ} [33]، وفي [الأعراف: 111]، [والشعراء: 36] {أَرْجِئْه}، وفي يوسف {نَبِّئْنَا} [36]، وفي الحجر {نَبِّئْ عِبَادِي} [49] {وَنَبِّئْهُمْ} [51]، وفي سبحان {اقْرَأْ كِتَابَكَ} [14]، وفي الكهف {وَهَيِّئْ لَنَا} [10]، وفي القمر {وَنَبِّئْهُمْ} [28]، وفي العلق {اقْرَأْ} في الموضعين [1، 3]. الثالث: أن يكون ترك الهمز فيه أثقل من الهمز، وذلك قوله عز وجل: {وَتُؤْوِي} [الأحزاب: 51]، و {تُؤْوِيهِ} [المعارج: 13]. الرابع: أن يكون يوقع الالتباس بما لا يهمز، وذلك في قوله تعالى {وَرِئْيًا} [مريم: 74]. الخامس: أن يكون يخرج من لغة إلى لغة، وذلك في قوله: {مُؤْصَدَةٌ} في الموضعين [البلد: 20]، [الهمزة: 8] فجملة ذلك ثلاثة وثلاثون موضعا. واستثناؤها اختيار منهم، لا أن له أصلا في الرواية عن أبي عمرو. وقد قرأت على أبي القاسم شيخنا -رحمه الله- من طريق ابن برزة، عن الدوري عن اليزيدي بتسهيل ما كان للجزم أو للبناء. فهذا الاستثناء اختيار من ابن مجاهد، حكاه عنه أبو طاهر وأبو سهل وغيرهما، إلا أنه مروي عن أبي عمرو، ألا ترى أن الرواية جاءت مطلقة غير مقيدة باستثناء شيء من هذه المواضع مع ما ذكرت من رواية ابن برزة. وقد أدخل بعضهم في المستثنى {مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ} في [الأنعام: 39]، و {فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ} في [الشورى: 24] لأن تحرك هذين الفعلين لالتقاء الساكنين، فتجيء المواضع المستثناة على هذا خمسة وثلاثين موضعا. وأدخلوا فيها أيضا {بَارِئِكُمْ} [البقرة: 54] في قول من سكنها عن أبي عمرو، ومنهم من سهلها. والاختيار التحقيق؛ لأنه إذا اختير في المجزوم ألا يخفف؛ لأن الجزم فيه عارض، فهذا أولى. مذهب ورش في ذلك: كان ورش يتركها وهي ساكنة إذا كانت فاء من الفعل لا غير، نحو: "يأخذ، ويأكل، وتألمون"، و {لِقَاءَنَا ائْتِ} [يونس: 15]، و"يؤمن، والمؤمنون، ويؤثرون، ويؤتون"، و {الْمُؤْتَفِكَةَ} [النجم: 53] وجمعها، و {الَّذِي اؤْتُمِنَ} [البقرة: 283]، و {الْمَلِكُ ائْتُونِي} [يوسف: 50، 54] وشبهه، إلا {الْمَأْوَى} وبابه، فإن أصحاب أبي يعقوب استثنوه، وأجراه غيرهم مجرى نظائره. وذكر الأهوازي أن {تُؤْوِي}، و {تُؤْوِيهِ} لا خلاف بين أصحاب ورش في همزه، واختلف عنه في {الْمَأْوَى} و {فَأْوُوا} [الكهف: 16]. وهذا الذي ذكر على هذا الحد غير معروف، والثابت أن باب "الإيواء" وقع فيه الخلاف بين أصحاب ورش، فأخذ أصحاب أبي يعقوب بهمزه كله، وأخذ غيرهم بتخفيفه كله، وهكذا ذكره أئمتنا سواه، والله أعلم. فإن كانت عينا همز كالباقين، إلا "بئس، وبئسما، والبئر، والذئب" فإنه سهل الهمزة فيهن في جميع القرآن، تابعه الكسائي على {الذِّئْبُ} وحده، فترك همزه. وإن كانت لاما همز جميع الباب، لا أعلمه سهل شيئا منه كالباقين. وههنا حروف بين القراء فيها خلاف، وهي {يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ} في [الكهف: 94، الأنبياء: 96]، و {وَرِئْيًا} في [مريم: 74]، و {سَاقَيْهَا} في [النمل: 44]، و {بِالسُّوقِ} في [ص: 33]، و {عَلَى سُوقِهِ} في [الفتح: 29]، و {ضِيزَى} في [النجم: 22]. فأما {يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ} فقرأهما عاصم بالهمز، وخفف الباقون. وأما {وَرِئْيًا} فقرأه قالون وابن ذكوان بتشديد الياء من غير همز، والباقون بالهمز. وأما {سَاقَيْهَا}، و {بِالسُّوقِ}، و {عَلَى سُوقِهِ} فهمز العين فيهن قنبل، والباقون بغير همز. وأما {ضِيزَى} فهمز عينه ابن كثير، والباقون بغير همز، والله أعلم..باب مذهب حمزة، وهشام في الوقف على الهمز: جاءت الرواية عن حمزة بتخفيف المتطرفة والمتوسطة والمبتدئة إذا نزلت منزلة المتوسطة. وجاءت عن هشام، فيما نص عليه الحلواني عنه، بتخفيف المتطرفة فحسب، وأنا أبين مذهبهما على ما يجب، إن شاء الله عز وجل..ذكر المتطرفة: وهي التي ليس بعدها شيء من الحروف الثابتة في الوقف. فالمتطرفة لا بد أن تكون ساكنة؛ لأنها إن كانت متحركة في الوصل فالوقف يوجب سكونها، فأما الساكنة وصلا ووقفا لجازم أو بناء، أو لتوالي الحركات، فما قبله لا يكون ساكنا ولا متحركا بالضم، ويكون متحركا بالفتح نحو: {إِنْ يَشَأْ}، و {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ} [النجم: 36]، و {اقْرَأْ} [العلق: 1-3]، [الإسراء: 14] وشبهه، وبالكسر نحو {نَبِّئْ عِبَادِي} [الحجر: 49]، و {هَيِّئْ لَنَا} [الكهف: 10]، و {يُهَيِّئْ لَكُمْ} [الكهف: 16]، و {مَكْرَ السَّيِّئِ} [فاطر: 43] على قراءة حمزة. فهي في ذلك حيث وقع، تبدل ألفا وياء على حركة ما قبلها. ولم تأت في القرآن ساكنة مضموما ما قبلها، سمعت أبا القاسم -رحمه الله- يذكر ذلك، ونحكي أنه غلط في ذلك بعض الشيوخ، ولو جاءت لخففت بالبدل واوا. وذكر غير واحد أن حمزة يحقق الهمزة في الوقف إذا كانت ساكنة للجزم حيث وقعت، وذكر الأهوازي أنه اختيار ثعلب وابن مجاهد في قراءة حمزة. ولم يبين الأهوازي إن كانت متطرفة أم لا، بل أطلق كلامه على المجزومة حيث وقعت. وقال عبد الوهاب في كتاب "الوجيز": جميع من ترك الهمزة الساكنة، فإنه يبدل منها إذا انفتح ما قبلها ألفا، وإذا انضم واوا، وإذا انكسر ياء. وأما المتحركة وصلا فما قبلها، يكون ساكنا أو متحركا. فإن كان متحركا، فبإحدى الحركات الثلاث نحو: {أَنْ لَا مَلْجَأَ} [التوبة: 118] و"ذرأ، وبدأ" و {مِنْ مَلْجَأٍ} [الشورى: 47]، و"سبأ، وبنبأ، واستهزئ، وقرئ"، و {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ} [عبس: 37]، و {مِنْ شَاطِئِ}، و {يَسْتَهْزِئُ} [البقرة: 25]، و"يبدئ، والبارئ"، و {إِنِ امْرُؤٌ} [النساء: 176]، و"لؤلؤا، واللؤلؤ". فهي في ذلك كله وما أشبهه حيث وقع تبدل ألفا، وياء، وواوا، على حركة ما قبلها على ما تقدم. والروم والإشمام ممتنعان في الحرف المبدل من الهمزة لسكونه، لا تجوز الإشارة إلى ألف {ذَرَأَ} كما لا تجوز إلى ألف "الرحى" ولا إلى واو {امْرُؤٌ} كما لا تجوز إلى واو "يغزو" ولا إلى ياء {قُرِئَ} كما لا تجوز إلى ياء "يرمي". وقد ذكر أبو عمرو عن قوم أنهم يسهلون الهمزة في هذا بين بين على حسب حركتها في الوصل، يعني مع الإشارة. وذكر أبو محمد مكي ذلك وبين أنه مع روم الحركة، وجعله مرويا عن خلف، وقال في المفتوحة: البدل لازم لها، ولأن الروم والإشمام لا يستعملان فيها. وقال لي أبي -رضي الله عنه: لا فائدة في حكاية أبي محمد مذهب من زعم أن الهمزة الموقوف عليها تخفف بين بين، وأن ذلك في حال رومها لا في حال حركتها ولا في سكونها؛ لأن الحرف الموقوف عليه ساكن، وطروء الروم عليه لا يوجب له حركة، وإذا كان كذلك سكنت الهمزة في الوقف، كما يجب في كل حرف موقوف عليه، ثم تبدل ألفا أو واوا أو ياء على حسب حركة ما قبلها، ولا يتأتى في هذه الحروف روم، وسبيلها في ذلك سبيل تاء التأنيث المبدلة في الوقف هاء، فلا يكون فيها روم ولا إشمام؛ لأن الحرف الساكن في الوقف غير الحرف المتحرك في الوصل. قال أبو جعفر: وهؤلاء القوم إنما أخذوا بين بين؛ فرارا من خلاف السواد في حروف جاءت في الخط على ما لا يقتضي الوقف بالبدل نحو {الْمَلَأُ} في بعض المواضع، و {يَتَفَيَّأُ} [النحل: 48] ومن {نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ} [الأنعام: 34] وحروف سواها. وهم أيضا -فيما أرى- يجيء في قولهم: خلاف الخط في مثل: "يبدئ، ويستهزئ" لأن الخط في ذلك يقتضي البدل لا بين بين، فقد خالفوا أيضا الخط مع قياس العربية. واختار أبو محمد البدل فيما وافق الخط، وبين بين فيما خالفه إن أبدل. وذكر أبو عمرو أن الثابت عن خلف وغيره عن حمزة البدل، قال: وإليه ذهب ابن مجاهد وأبو طاهر وغيرهما، وإليه ذهب أبي -رضي الله عنه- وإن خالف الخط في بعض ذلك، وخلاف الخط في مثل هذا جائز إذا أدى إليه القياس. وأما الساكن ما قبلها، فإن كان الساكن حرف صحة ألقى حركة الهمزة عليه، وأسقطها، ثم يدرك السكون ما قبل المتطرفة في الوقف، لكنه سكن عن الحركة التي نقلت إليه، وذلك نحو "المرء، ودفء، والخبء، وملء، وجزء" وشبهه، والروم والإشمام جائزان في ذلك. وقال الأهوازي: رأيت من يذكر التشديد في "الخبء، وملء، وجزء" ونحوهن. قال أبو جعفر: هذا على أنه وقف بالتضعيف، وقد ذكر ذلك سيبويه فقال: "وإذا كانت الهمزة ما قبلها ساكن فالحذف لازم، ويلزم الذي ألقيت عليه الحركة ما يلزم سائر الحروف غير المعتلة، من الإشمام، وإجراء الجزم، وروم الحركة والتضعيف، وذلك قولك: هذا الوث، من الوث، ورأيت الوث، والخب، وهو الخب، ورأيت الخب، ونحو ذلك". وإن كان الساكن حرف علة أصليا فحكمه أيضا نقل الحركة إليه، وحذف الهمزة كالحرف الصحيح، نحو "شيء، والسوء، وعن سوء، وسيء، وجيء، والمسيء، ويضيء، وتفيء، وليسوء، ولتنوء" وشبهه حيث وقع. ويسكن بحكم الوقف الحرف المنقول إليه حركة الهمزة، ولك الروم والإشمام فيه كالأول، وذلك في القسمين حسن؛ لتكون الحركة فيما عهد سكونه إشعارا بالأصل. وذكر عثمان بن سعيد -رحمه الله- جواز الإبدال والإدغام في الياء والواو في الوقف حملا للأصلي على الزائد، قال: وبه أقرأني أبو الفتح، قال: وحكاه يونس والكسائي. قال أبو جعفر: وهذا لم يذكره سيبويه وذلك عندي غير بعيد، وقد رأيت أبا علي الفارسي حكى ذلك، وحكاه لي أبو الحسن بن شريح. وحكى لنا أبي -رضي الله عنه- أن بعض العرب يحذف وينقل في الزائد نحو {خَطِيئَةً} [النساء: 112] تشبيها بالأصلي، فكذلك تشبيه الأصلي بالزائد لاستوائهما في أنهما حرفا علة، فأما ما قرأت به على أبي القاسم -رحمه الله- للضبي عن حمزة من الوقف على {شَيْئًا} حيث وقع منصوبا، و"كهيئة، وسوأة، وسوءاتهما، وخطيئة"، وشبه ذلك، بتشديد الياء، فقد ذكره سيبويه فقال: "واعلم أن العرب منها من يقول في أو أنت: أوْ نت، ويقول: أرمي باك، وأبو يوب، وغلاميَّ بيك، يريد: أبو أيوب، وغلامي أبيك. وكذلك المنفصلة كلها إذا كانت الهمزة مفتوحة، فإن كانت في كلمة واحدة نحو: سوأة، وموءلة حذفوا فقالوا: سوة ومولة، وقالوا في حوأب: حوب؛ لأنه بمنزلة ما هو من نفس الحف، وقال بعض هؤلاء: سوّة وضوّ، شبهوه بأوَّنت". فأما مد حرف المد واللين في الوقف نحو: "تفيء، ويضيء، والمسيء، ولتنوء، وسوء" فغير مطول، سواء وقفت بالإسكان أو بالروم، وهذا قول أبي -رضي الله عنه- وكذلك نص عليه الأهوازي فقال: تمد الياء في "جيء، وسيء" على قدر ما يجوز من تجويد حروف المد واللين. وقال أبو الحسن بن شريح: الوجه البين تطويل المد؛ لأنه سكن بعد تقدير نقل الحركة إليه، قال: وتطويل المد جائز؛ لأن الحركة المنقولة عارضة على الحرف، فلما سكن رجع إلى سكون كان له أصلا قبل التسهيل؛ لأن الهمزة مقدرة وإن حذفت، قال: ولا سبيل إلى تطويل المد في ذا الفصل مع الروم. وإن كان الساكن ألفا، سواء كانت منقلبة عن حرف أصلي أو كانت زائدة، فأكثر القراء يأخذ له في المرفوع والمخفوض بالروم، وجعل الهمزة بين بين نحو: {هُمُ السُّفَهَاءُ} [البقرة: 13]، و {مِنْهُ الْمَاءُ} [البقرة: 74]، و {عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: 58]، وفي المفتوح بإبدالها ألفا نحو: {إِذَا جَاءَ}، و {كُنْتُمْ شُهَدَاءَ} [البقرة: 133] لأنه لا روم فيه عند القراء، ولا يتقدر بين بين إلا معه. وبهذا أخذ الأهوازي، وبه قرأ على شيوخه، وبه قرأ أبو عمرو على فارس بن أحمد عن قراءته، وله أصل عن حمزة. حدثنا أبو داود، حدثنا أبو عمرو، حدثنا أبو مسلم، حدثنا ابن الأنباري، حدثنا إدريس عن خلف قال: كان حمزة يقف على قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ} [البقرة: 6] يمد، ويشم الرفع من غير همز. قال أبو عمرو: وقال ابن واصل: حمزة يقف على "هؤلاء" بالمد والإشارة إلى الكسر من غير همزة، ويقف على {لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ} [المائدة: 101] بالمد، ولا يشير إلى الهمز. ومنهم من أخذ له بإبدال الهمزة ألفا بأي حركة تحركت، وهو مذهب أبي -رضي الله عنه- لا يجوز عنده غيره؛ لأن سكون الهمزة في الوقف يوجب فيها الإبدال ألفا على الفتحة التي قبل الألف الزائدة أو المنقلبة، فهي تخفف تخفيف الساكن لا تخفيف المتحرك، ولا يوجب له طروء الروم عليه حركة على ما قدمنا قبل. وبهذا يأخذ من عنده حذق في العربية من القراء، فإذا قلنا بإبدالها ألفا فقد عرض التقاء ساكنين، فيحتمل حينئذ وجهين: أحدهما أن تمد عن حرفين ساكنين، كما فعل يونس بالنون الخفيفة في التثنية إذا وقف عليها. واختار ذلك أبو عمرو، وقال: وبه ورد النص عن حمزة من طريق خلف، وغيره. والثاني: أن تحذف أحد الساكنين، قال القراء: فإن قدرت أن الألف الأولى المحذوفة لم تطول المد، وإن قدرت أن الثانية المحذوفة فقيل: تمد؛ لأن التخفيف عارض، وقيل: تمكن ولا تمد. وقال لي أبي -رضي الله عنه: المحذوف لالتقاء الساكنين الثاني دون الأول؛ لأنه فيما هو من كلمة كما يحرك فيها، نحو "أين، وكيف" قال: والمد عن حرف واحد ساكن. وقال الأهوازي: إنه قرأ على البصريين والبغداديين والكوفيين في حال النصببغير همز ولا مد، يعني: ولا تطويل مد. وقال أبو الحسن بن الحمامي: قال لي عبد العزيز بن الواثق بالله لما قرأت عليه بغير همز وبغير مد، يعني في الأحوال الثلاثة. وما ثبت له صورة من الهمزة في الخط مثل ما لم تثبت له صورة في الإبدال عند أبي -رضي الله عنه- نحو {مَا نَشَاءُ} في [هود: 87]، و {الضُّعَفَاءُ}، و {شُرَكَاءُ}، و {مِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ} [طه: 130]، و {مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} [يونس: 15] وفي كلم أخر. واختار القراء الوقف بين بين إيثارا لاتباع الخط، ولما جاء عن حمزة من رعايته لذلك. وذكر الأهوازي أن بعض شيوخه كان يأخذ للجماعة بتخفيف الهمزة في هذا الفصل، وأن أبا عبد الله اللالكائي ذكر له أن ترك الهمز في ذلك في حال الرفع، والخفض إجماع من القراء. قال أبو جعفر: وهذا لا يؤخذ به. وإن كان الساكن ياء أو واوا مزيدتين للمد فقط أبدلت الهمزة، وأدغمتها فيها على ما قدمناه، فالياء نحو: {النَّسِيءُ} [التوبة: 37]، و {بَرِيءٌ} [الأنعام: 19]، و{دُرِّيء} [النور:35] على قراءته. والواو {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وليس في القرآن غيره. والروم والإشمام جائزان في المبدل من الهمزة؛ لأن الحركة مقدرة فيه، ولولا ذلك لم يدغم فيه الأول. وذكر الأهوازي في {قُرُوءٍ} التخفيف من غير تشديد، وهذا يحتمل أن يريد به التخفيف بين بين على ما يذهب إليه الكوفيون، من إجراء الواو والياء مجرى الألف في ذلك، ويحتمل أن يريد به التخفيف بالنقل والحذف على إجراء الزائد مجرى الأصلي، على ما حكي عن قوم من العرب، والله أعلم. وقياسه "النسي، وبري" ولم يذكر فيه شيئا فيما أعلم. فهذا تحصيل مذهب حمزة في المتطرفة. ووافقه هشام على التخفيف فيها من رواية الحلواني. وقد قرأت من طريق غيره عن هشام كالجماعة بغير تسهيل، ولكن الذي آخذ به ما رواه ونص عليه أبو الحسن الحلواني عنه، لضبط الحلواني وإمامته وبحثه، فقد كان إماما لا يجارى في هذا الفن. وقد حدثنى أبو القاسم، وأبو محمد بن عتاب، قالا: حدثنا محمد بن عابد، وحدثنا أبو محمد، حدثنا أبو عبد الله قال: حدثنا أبو محمد مكي قال: حدثنا أبو الطيب قال: حدثني أبو الحسن، يعني ابن بلال قال: حدثني ابن المنادي قال: سألت الحسن بن العباس عن قراءة الحلواني عن هشام بن عمار، فقال لي عن أحمد بن يزيد، يعني الحلواني: إنه قرأ على هشام بن عمار، ثم قدم العراق، فبلغته حروف، فخرج ثانية فقرأ عليه بتلك الحروف، ثم قدم العراق فبلغته حروف، فخرج إليه فقرأ عليه القرآن، وقرأ بتلك الحروف.
|